شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان

شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان (https://www.qahtaan.com/vb/index.php)
-   مجلس عذب الكلام (https://www.qahtaan.com/vb/forumdisplay.php?f=16)
-   -   الصداقة في الشعر الشعبي (https://www.qahtaan.com/vb/showthread.php?t=60320)

نايف راكان 29-03-2010 05:04 PM

الصداقة في الشعر الشعبي
 
الصداقة في الشعر الشعبي
الأمير محمد الأحمد السديري انموذجاً


جريدة الجزيرة
الاحد28ربيع الاول1431 العدد13681
رؤية: إبراهيم الشتوي :

يقول الإمام الشافعي:
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها
صديق صدوق صادق الوعد منصفا
تعد الصداقة بمفهومها المضيء أنموذجاً حياً للإنسان العربي الشهم الكريم، وما تحمله في طياتها من دلالات نفسية وحسية ومعنوية رفيعة، وما تكتنز به من قيم ومبادئ تعكس البعد الإنساني الذي وصى به الدين الحنيف وأكده، من خلال الترابط والتكاتف والاحتواء، فكيف نتخيل هذه الحياة بدون صديق نشكي إليه لواعج النفس وبوح الحنين وآهات الذات وأسرار واقع يجبرنا على الكتمان وعدم الاطمئنان إلا لهذا الصديق الذي يحافظ على السر ويشاركنا أفراحنا وأتراحنا في الشدة والضيق في العسر واليسر، يقول المتنبي:
شر البلاد بلاد لا صديق بها
وشر ما يكسب الإنسان ما يصم
فالصديق مرآة صادقة وأحاسيس ناطقة لتفاصيل دقيقة ومشاعر عميقة، فكلما كانت العلاقة أوثق كانت المناجاة والبوح له أدق وأصدق، ومن هذه النماذج نختار الأمير محمد بن أحمد السديري - رحمه الله - كنموذج حي لرمز الصداقة الناصعة البياض، تلك الصداقة الباسقة السامقة الوارفة، بالحب والعطاء والوفاء، كيف ولا وهو القائل:
حق الرفيق واجبه لا تخليه
يلزمك مثل الوالدين الحشامي
وفي قصيدة أخرى يقول:
ورفيقك المامون حطه على البال
واذره اليا جنّ الليالي شلاهيب
اجعل بقلبك له محل ومدهال
تلقاه ذخر بمعضلات المواجيب
وله من قصيدة أخرى:
انادم اللي رفقته ترفع الراس
وياقف معي دايم بوجه الخصيمي
حيث نتلمس تلك الصداقة الوثيقة البالغة العمق والدلالة التي تربطه بالشاعرين: زبن بن عمير العتيبي وابنه عمير بن زبن في منتصف القرن الثالث عشر الهجري تقريباً، كذلك نجد أن الكثير من قصائده يناجي بها صديقيه زبن بن عمير وابنه عمير بن زبن، ومن تلك الأبيات التي يخاطب بها ابن صديقه عمير بن زبن، موضحاً من خلالها صدق العاطفة التي تربطه بأبيه زبن ومدى الشوق والأمل الذي يحدوه إليه:
يا عمير قله ما نسيته ولا غاب
لو هو في العارض وانا في تهامه
فنجد هنا جدلية الحضور والغياب وثنائية الزمان والمكان التي لم تفصله عن ذكر صديقه زبن ومدى مكانته في نفسه وحبه له، وهنا نجد أن الصداقة بوح عمى تحمله الذات من دوافع وضغوط تجعل من الصديق كفوهة بركان يتحمل نيران الوجد المنسكبة من باطن القلب؛ إذ إنه لا يجد إلا صديقه ليشاركه اللوعة والحرقة والمعاناة.. يقول الأمير محمد السديري:
يا زبن عديت الطويله وناديت
وعزى لمن مثلي عليها تعلوي
ناديت لي حي على وصله اشفيت
فرقاه تذهبني ولاماه سلوى
وهنا نجده استطاع النفوذ من العزلة إلى خارج حدود الذات ليبحث عن أفق أوسع؛ ليشاركه عملية الصوت والصدى:
قولوا لزبن اني على البعد ناخيه
يشوف منيوب على الكود كظام
يشوف من حر السمايم تصاليه
جددت شكواه عام باثر عام
فالصداقة باقة ثقة بحيث إنه يقول لصديقه زبن مدى المعاناة التي يكنها في صدره:
ونتي يا زبن لو هي بالصفا
ذوبت من كودها صلب الحيود
وفي هذه القصيدة أسندها إلى الشاعر عمير لإيصالها إلى أبيه زبن كدليل آخر على تلك المكانة التي جمعتهم في قلب واحد:
يا عمير خبر زبن قله سطابي
جرح الغرام وفقد لاماي الاحباب
الحب والفرقا تجدد عذابي
وتفتح علي من الموده مية باب
وفي نفس القصيدة يقول أيضاً:
يا زبن ضلع طويق لو شال ما بي
ان كان من جور الهوا جندله ذاب
على الذي بالحيل مكن صوابي
هاف الضمير وسيد تلعات الارقاب
وكذلك قوله:
يا زبن ابشكي لك من اللي لجا بي
وسط الفواد مشرع فيه مخلاب
انخاك لا منه جذا كل هابي
انخاك يا ابن عمير يا عرب الانساب
إلى أن يقول:
يا زبن ضاقت بي جميع الرحابي
وقلبي من الفرقا ولوه ومرعاب
إلى شربت المي مر شرابي
والنون ياقف له عن النوم حرّاب
فنجده من خلال تقنية التكرار للاسم مع يا النداء (يا زبن) في القصيدة السابقة كتأكيد على روح الانتماء إلى الآخر والصلة الحميمة التي تجمعه بالآخر وكذلك فيها دليل قاطع على متانة العلاقة وقوة التجانس بينهما؛ فتتلاشى الغربة وتزداد الألفة وينجلي القلق وتعزز أواصر المودة، ومن مقومات الصداقة التي ذكرها الأمير محمد في هذه القصيدة هي البعد عن سفاسف الأمور ومساقطها، كذلك الكرم وحب مساعدة المحتاج وإعانة الناس على حل مشاكلهم وقضاء حوائجهم كما في هاتين القصيدتين اللتين اندلقتا بكل حميمية وحب ووفاء؛ حيث يقول الأمير محمد السديري لصديقه زبن بن عمير:
يا زبن ودعناك في يوم الاثنين
لعلها لك يا خو صنعا مسافير
بجيرة الله يا عشير الغلامين
يا مقفي عنا ذكرناك بالخير
نغليك يوم إنك بعيد عن الشين
وريف لضيفك في ليال المعاسير
يوم تغيبه عندنا قدر عامين
ويوم نشوفك فيه عز وتباشير
هذا الفراق اللي نظرناه بالعين
وعز الله انك ناوي بالمحادير
يا زبن يالبراق بالله الى وين
واسلم ورد العلم يا زبن للعمير
فيرد زبن بن عمير على الأمير محمد بهذه القصيدة:
وانا بعد ودعتك الله بتسعين
وداعة من حفظ والي المقادير
يا باذل الحسنى على المستحقين
ونطاح بالضيقات وجه المناعير
ياللي بدرب الطيب جالك براهين
ولبست بالبيضا ثياب مشاهير
يبون دربك ناس واجد وعجزين
يجي لهم من دون دربك عواثير
ولا يختفي فعل به الناس دارين
لين انها تمحى الجبال المزابير
من يوم عنك اقفيت والقلب والعين
عندك وفي جسمي تشب السواعير
الصديق من صدقك لا من صدقك، وبهذه القصيدة التي تتضح بها معالم النصيحة والخوف على صديقه من أمور الحياة الدنئية، حيث يقول الأمير محمد السديري لصديقه عمير بن زبن:
يا عمير لا تتبع هوى بعض الازوال
اقبل وخله يالعتيبي يقفي
لا تتبعه يا عمير يا طيب الفال
خله على حوض الرذيله يهفي
ومن لا استشارك لا تعذله ولو عال
يلقى من اجناسه صديقي يلفي
يا بعد فرق الناس رجلي وخيال
والطيب بين مثل حيدٍ مشفي
ونجده في هذه الأبيات يبين ما يمر به من تجربة وجدانية وتفجر العاطفة والتهابها عبر
(يا) النداء بطاقة الصداقة المشتعلة جذوتها بمكنون الذات وخلجات القلب وحنينه الموجع جاعلا من صديقه بلسماً لجراح الذات وأشجانها:
يا عمير ملهوف الحشا مستردي
يا عمير يالبراق يا عمير ابنخاك
كذلك في قوله:
يا عمير حبه بالضماير مخفيه
لا شك فاح وباح وشلون ابكماه
وكذلك هذه القصيدة التي يقول فيها:
يا عمير به ما طعت ناس يعذلون
وما لي سواه بخلق ربي بضاعة
فكلما كانت صفات الصديق أنبل وأكمل زاد تعلق أصدقائه به واختيارهم له ليشاركهم أفراحهم ومعاناتهم، آمالهم وأحلامهم وآلامهم، وهنا يبين لنا الأمير محمد السديري أنه اختار صديقه عمير بن زبن لعلو مكانته ورجاحة عقله ومعين وفائه الذي لا ينضب حيث يقول:
يا عمير انا اخترتك على جملة الناس
ابيك في بعض الامور تحشم لي
كما أن الأمير محمد السديري استطاع أن يكثف حضور الصداقة عبر تلك القصائد المشتعلة حباً وحنيناً، والمتدفقة صدقاً ووفاءً؛ ليسمو بعالم الصداقة ويملأ بها فراغ الحياة الصامت، ويروي أودية الذات وجفاف الروح، خصوصاً في حياتنا المعاصرة التي افتقدت الصداقة الصافية وجدلية الحضور والغياب والصدق والوفاء عبر واقعنا الراهن الذي يفتقر لمثل هذا النمودج الحي:
يا عمير زاد الوجد يا عمير ابنخاك
وش حيلة اللي باح صبره ويدعيك
يا عمير يالبراق مانساك مانساك
للجود يا ابن الجود للجود ناخيك
ومن خلال هذه الرؤية يمكننا أن نتلمس بيادر هذه التجربة الإنسانية الصادقة عبر مستويات الصداقة وتلاحمها من خلال قصائد مكتنزة بالصدق الفني والعمق المعنوي، ومن خلال الإحساس بالدفء المفعم بالحنين؛ لما تحمله من محبة ومودة ووفاء عبر تجربة وجودية كبيرة تتميز بالشمولية والكثافة والعطاء، متمنياً أن لا يأتي اليوم الذي تموت بها الصداقة ذاتها في عصر افتقر إلى الصدق والوفاء.

سفر بن مبارك 29-03-2010 10:22 PM

رد : الصداقة في الشعر الشعبي
 
أخوي نايف أهلا وسهلا فيك إختيار موفق وفقك الله وحياك وبياك والنص مثبت ..

فلاح آل راكان 30-03-2010 06:29 AM

رد : الصداقة في الشعر الشعبي
 
لاهنت يا الذيب على الموضوع الطيب ..

ولاهان ابو فيصل على التثبيت ..

تقبل مرروي نفداك ..:)

نايف راكان 30-03-2010 01:39 PM

رد : الصداقة في الشعر الشعبي
 
لاهنت ابو مبارك على التثبيت

(يفداك اللاش)اخوي فلاح ولاهنت على المرور



مشكووور

مشاري بن نملان الحبابي 04-04-2010 01:29 AM

رد : الصداقة في الشعر الشعبي
 
بيّض الله وجهك يا نايف ..

ولا هان الأخ سفر على التثبيت ..

بندر الضيغمي العبيدي 04-04-2010 09:25 PM

رد : الصداقة في الشعر الشعبي
 
مشكور اخوي نايف لاهنت,,,,,,,,,,,,

ابن عناد العايذي 05-04-2010 07:07 AM

رد : الصداقة في الشعر الشعبي
 
بيض الله وجهك يا نايف عالموضوع الدسم


الساعة الآن 06:48 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق الأدبيه والفكرية محفوظة لشبكة قحطان وعلى من يقتبس من الموقع الأشارة الى المصدر
وجميع المواضيع والمشاركات المطروحه في المجالس لاتمثل على وجه الأساس رأي ووجهة نظر الموقع أو أفراد قبيلة قحطان إنما تمثل وجهة نظر كاتبها .

Copyright ©2003 - 2011, www.qahtaan.com