المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وللدكتور عبد الرحمن العشماوي كلمة ... " موتُ صدّام وخَبْطُ العَشْواء " ...


نسناس
13-01-2007, 02:25 PM
موتُ صدّام وخَبْطُ العَشْواء

عبدالرحمن صالح العشماوي

http://www.al-jazirah.com/191839/ln110.jpg


ما نزال نرى آثار التخبُّط في مواقف كثير من المسلمين تجاه بعض الأحداث الكبرى التي تجري، تخبُّطاً يدلُّ على مشكلة في الفهم الشرعي لتلك الأحداث، ولكثير من جوانب الحياة، وهنا نتساءل: أين تذهب الدروس والمواعظ والمحاضرات الشرعية التي تُقدّم في الجامعات والمساجد وبعض القنوات الفضائية. وأين تذهب آلاف الكتب والمراجع الدينية ومجموعات الفتاوى الشرعية الكثيرة الموجودة في متناول الناس؟ وكيف تغيب عن كثير من المسلمين بعض الجوانب الشرعية الواضحة؟ وأين دور الأسرة المسلمة في إكمال هذا النقص الموجود في حياة أفرادها رجالاً ونساءً.

إنّ المتابع لما كُتب وقيل ونُشر عن (نهاية الرئيس العراقي صدّام حسين) ليُوحي بنقصٍ كبيرٍ عند كثير من المسلمين في فهم الضوابط الشرعية المتعلقة بمثل هذه الحالة، ولربما عَذَرنا عامة الناس والمنفعلين من الشباب إذا رأينا منهم خروجاً على التصوّر الإسلامي الصحيح في التعامل مع مثل هذا الحدث، لِعِلْمنا بأن التسرّع والاستسلام للعواطف التي يصعب ضبطها هو السبب في هذا الخروج، ولكن ماذا نقول لبعض العلماء والمفكرين والمثقفين الذين يخبطون خَبْط عشواء في هذا الموضوع وما شابهه.

آراء متضاربة، ومواقف مضطربة حيال هذا الحدث الكبير، فهنالك من حكم على الرجل بالشقاء الأبدي وفتح له طريقاً إلى النار، وهناك من جعله رمزاً للعدل والخير وفتح له طرقاً إلى الجنة، وقليلٌ مَنْ اتخذ طريقاً وسطاً في الحكم على (صدّام) بعد أنْ نُفِّذ فيه حكم الإعدام بصورته المزعجة التي حدثت.

وهنالك توظيف غير صحيح لكثير من النصوص الشرعية في هذه القضية، فالذين حكموا له حكماً صارماً بالشهادة ودخول الجنّة يستشهدون بالأحاديث الصحيحة التي تفيد أنّ من كان آخر كلامه النطق بالشهادتين من أهل الجنة، ناسين أن حكمنا البشري في هذه المسألة يكون حكماً عاماً كما دلّ على ذلك الحديث، وأما الحكم الخاص لشخصٍ معيّن بأنه من أهل النّار أو الجنة فهذا مقطوع شرعاً بعدم جوازه، بل الوعيد في ذلك شديد لأنه من باب التألّي على الله بما لا نعلم، ولكننا نرجو الخير لمن مات مسلماً ونكل أمره إلى الذي يعلم السرّ وأخفى.

وفي صحيح البخاري من حديث أم العَلاء التي قالت عن عثمان بن مظعون رضي الله عنه لما مات وهي تعرف تقواه وصلاحه: رحمك الله أبا السائب فأنا أشهد عليك بأن الله قد أكرمك، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمع ما تقول: فقال لها: وما يدريك أن الله قد أكرمه، فقالت: بأبي أنت يا رسول الله، فمَنْ يُكرمُه الله إذن؟ فقال عليه الصلاة والسلام: أما هو فقد جاءه اليقين، وإني لأرجو له الخير، وإني لرسول الله ولا أدري ما يُفْعَل بي، فقالت أم العَلاء: والله لا أزكِّي بعده أحداً أبداً.

العدل والنظرة الموضوعية مطلوبة في مثل هذه الأحداث، ولا شك أن طريقة قتل الرجل كانت شنيعة وفيها من التشفّي والحقد ما رآه الناس واضحاً، وفيها من اختيار الزمان ما لا يخفى مقدار الخطأ الكبير فيه، ولكن ذلك لا يعني الحكم الصارم للرجل أو عليه بهذه الصورة التي رأيناها وما نزال نراها، ولا يصح أن يكون شعورُنا بالنَّفَس الطائفي في قتله داعياً لنسيان ما جناه على العراق وأهله مما لا يخفى على منصفٍ وأنْ ننتقل من النقيض إلى النقيض بهذه الصورة المزعجة التي تدلُّ على أنّ أمتنا ما تزال تعاني من إسرافٍ عاطفي لا يجلب لها إلا الضياع، ولا يمكن أن يتيح لها فرصة الصمود والمواجهة لأعدائها البعيدين والقريبين الذين يخططون لها بهدوء، ويقتلون أحلامها بدماءٍ باردة مستفيدين من تخبُّطِها وإسرافها العاطفي الخطير.

إننا نفرح بتوبة الإنسان، فذلك منهج إسلامي أصيل، ولكنّ هذا الفرح لا يجعلنا نخلط الحقّ بالباطل ونجاوز الحدَّ في التزكية التي لا تجوز.

.

القلم
13-01-2007, 05:26 PM
أمتنا ما تزال تعاني من إسرافٍ عاطفي لا يجلب لها إلا الضياع، ولا يمكن أن يتيح لها فرصة الصمود والمواجهة لأعدائها البعيدين والقريبين الذين يخططون لها بهدوء، ويقتلون أحلامها بدماءٍ باردة مستفيدين من تخبُّطِها وإسرافها العاطفي الخطير.

إننا نفرح بتوبة الإنسان، فذلك منهج إسلامي أصيل، ولكنّ هذا الفرح لا يجعلنا نخلط الحقّ بالباطل ونجاوز الحدَّ في التزكية التي لا تجوز.

.


جزاك الله خيراً أخي نسناس على الجهود المثمرة وعدم المنقطع لتوضيح كثر عن قضايا ونوازل تهم كثير منا .. فجزاك الله خيراً

عبدالله الوهابي
13-01-2007, 07:04 PM
أخي نسناس
أولاً : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثانياً : بارك الله فيك وجزاك الله خيراً على هذا النقل يتصرف حكيم وعاقل ومدرك للحقيقة
ثالثاً : لقد أثلجت صدري ورب الكعبة في ذلك ما بين افراط وتفريط
وجزيت خيراً أخي الكريم وهذه رسالة من ضمن الرسائل التي توضح أن بعض الناس يقول هو من الابطال ورضي الله عنه وأرضاه!!!! وهنا العجب العجاب في قوله وفعله نسأل الله لهم الهداية كما أننا نفرح جميعاً بأي شخص تكون نهايته الشهادتين فلك مني جزيل الشكر والعرفان

نسناس
13-01-2007, 07:26 PM
الاخوة الكرام ...

القلم ...

ابن رشد الصغير ..

اشكر مروركما ... وجميل تعليقكما ...

====

وهذه قصيدة في موت صدام للدكتور الشاعر العشماوي ... وهي رائعة بحق ...


عدلُ الإله يُقوِّمُ الميزانا= وعلى اليقين يُثبتُ الأركانا

ويُنبه الإنسانَ من غفلاته=ويُريه عُقبى ماجناه عِيانا

عدل الإله يريكَ أبعدَ ماترى=أدنى وأشجعَ من رأيتَ جبانا

ويُريكَ غطرسةَ الطغاةِ تذلُلاً=ورجالَهم من حولهم قُطعانا

عدلُ الإله ومن يُحاربُ قادراً=خلقَ الوجود وسيِّر الأكوانا؟

يا من جَلبت إلى العراقِ دمارَهُ=وظننتَ أنكَ ترفع البنيانا

أشعلتَ أعواماً بنيران الأسى= حتى غدا استِحسانُها استهجانا

ما أنتَ أولَ ظالمٍ في أرضنا=لقي النهايةَ ذِلةً وهوانا

سبقتكَ آلاف الرؤوس تساقطت=وكأنها ما قارفت عدوانا

أوْدى بها ظلمُ العبادِ وقهرَهم=والظلمُ نارٌ تَحرقُ الإنسانا

اسأل بها النمرودَ حين استوثقت=منه البعوضُ ودوِّختهُ زمانا

واسأل بها فرعونَ ضلَّ مُكابراً=واسأل بها قارونَ أو هاماناَ

ما كنتَ إلا عبرةً مشهودةً=للعالمينَ تُنبه الأذهانا

وثناً جثَمْتَ على العراقِ وهكذا=عدلُ الإله يُحطمُ الأوثانا

مهلاً أبا الجُرحَ العراقيَ الذي=مازال ينزفُ،قد خسرت رهانا

عَلقتَ مِشنقةً لنفسك منذ أن=صيرت أرضكَ للهوى مَيدانا

وقتلتَ نفسك منذ أن صيَّرتَها= فوقَ الجميع مكانةً ومكانا

وحَفرتَ قبرَك منذُ أن أطلقتَها=حرباً تُصيبُ الأهلَ والجيرانا

أنتَ الذي مَزّقتَ شملك حينما=نَحَّيت عن أَحكامك القُرآنا

منذ ابتدأتَ رسمتَ دربَ نهايةٍ= سوداءَ لو فكرتَ فيهِ لَبانا

مَكَّنت جيشَ الاحتلال وذيلهُ= في الرافدينِ فحركَ الطوفانا

أسلمتَ جَوْقَتهُ الزمامَ وإنما= هو ظالمٌ بكَ قربَ القُربانا

وغداً ستُدرِكهُ العدالةُ إنها= كالشمس يَفضَحُ نورها الفئرانا

إني أقولُ وأنتَ موعِظةٌ لنا=ليتَ الطغاةَ يُفكرونَ الآنا

ليت الذين يُحطمونِ عراقَنا=ويُؤججونَ لأهله النيرانا

ويُوطِّئون لمن يُُمزقُ أرضه=كََنفاً ويُعطونَ العدوَ أمانا

ياليتَ من قطعوا حبالَ أخوّةٍ= في الرافدينِ وأعلنوا النُكرانا

يالتيهم يستيقظون وقد رأوا= بكَ عبرةً كُبرى تَفيضُ بَيانا

ياليتَ من نظروا إليكَ مُسوَّداً=ورأوكَ في سجنِ الطُغاة مُهانا

ربطوا البدايةَ بالنهايةِ فاتقوا=ربَّ العبادِ وجددوا الإيمانا

يا موقد النارِ التي ما خَلفت =إلا رَمادا كالحا ودخانا

لما سمِعتُك بالشهادةِ ناطقاً=أحسستُ أنَّ الصخرَ عندكَ لانا

وفرِحتُ فرحةَ من يُحِب لغيرهِ=خيراً ومَنْ يرجو له اطمئنانا

أوكلتُ أمركَ للمهيمنِ إنه =من يِعلمُ الإسرارَ والإعلانا

قد نلتَ في الدنيا جزائَكَ قاتلاًً=والحكمُ في الأخرى إلى مولانا

مهلاً أبا الجُرحَ العراقيَ الذي=جرفَ الطريقَ وغيّرَ العُنوانا

من ظَن أن الأرضَ مُلكُ يمينِه=فقد استطالَ وطاوعَ الشيطانا

ما قيمةُ الوطنِ الكبيرِ إذا غدا =سجناً ًوصارَ رئيسُهُ السَّجانا

يا من تزكونَ المقارفَ ذنبَهُ=أنّى يُزكِي التائهُ الحيرانا

هو فارسٌ بطلٌ وكم من فارسٍ= بطلٍ يُقبحُ ظُلمُه الإحسانا

إني أرى في الشَّنقِ أسوأَ صورةٍ=تُدمي القلوبَ تُؤرقُ الأجفانا

هي صورةٌ نكراءُ تُوحِي بالذي=تُخفي القلوبَ وتُشعلُ الأضغانا

ما أَحسنَ القتلَ الذين تضوروا=جوعاً إليك وأحرقوا الأغصانا

قتلوكَ في العيد الكبيرِ فشوَّهوا=وجهَ الإخاءِ وهيَّجوا الطوفانا

لكنَّ ذلك لا يُقرِبُ ظالماً منا=ولا يَستَحسِنُ الطغيانا

أسفي لأمتِنا العزيزةِ أصبحت=تَنسى ويَنسى ذهنُها النُسيانا

نَسيت حلبجةَ والكويتَ وما طوت=عنا السجونُ ولو بدا لكَفانا

ياقومُ،آثارُ الجريمةِ لم تزل=في الأرضِ يكشِفُ سمُها الثعبانا

توقيتُ آجالِ العبادِ مؤقَّتٌ=ممّن يُصرفُ حُكمهُ الأزمانا

(كُن) ما جرى حكمُ القضاءِ بأمرها=في الكونِ إلاّ في الحقيقة كانا

بُشرى لأهل الظلمِ بُشراهم فهم=سيواجهون من الأسى ألوانا

ما ظالمٌ إلا سيلقى ظالماً أقوى=ويَلقى الظالمُ الخسرانا
.

عبدالله الوهابي
13-01-2007, 07:38 PM
لا هنت يا نسناس على القصيدة الرائعة
وجزاك الله خيراً وبارك الله فيك أخي الفاضل

أبو زيد
14-01-2007, 12:04 AM
نسناس

ذو القلمين المميزين
مع الحدث دائماً ،، أسأل الله ألا يحرمنا من قلمك الكاتب ولا من قلمك الناقل.


أبو زيد
يحيييييييييييك

يثرب
14-01-2007, 12:09 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

اخ نسناس

يعلم الله اني أحبك في الله

وعندما ادخل في الموقع

تجدني ابحث عن مواضيعك

الرائعه كروعة صاحبها

صدق مشرفنا ابن رشد

انك فعلاً بهذا النقل المميز

اثلجة صدورنا .

وشكراً على نقلك القصيدة

وغفر الله لك ولشاعرنا العشماوى







تحيه عطره

من

طيبة الطيبه

نسناس
14-01-2007, 08:18 PM
الاخ الحبيب ابو زيد ...

اشكر كريم تعليقك ... وعذب اطرائك ...

اتشرف بمرورك ... ويعجبني ثاقب نظرتك ...

شكرا لك ...

نسناس
15-01-2007, 05:28 PM
الجار الكريم يثرب ...

اسعد الله اوقاتك ...

واحبك الله الذي احببتنا فيه ...

وعلى قلة مشاركاتك ... الا انه قد شدني هذا الاسم !!!

وممار يشرفني حرص امثالك على ما اكتبه او انقله ...

شكري الخاص لك ...

.

أبوسالم
18-01-2007, 09:38 AM
أخي العزيز نسناس

قصيدة رائعة جداً جداً ومؤثرة ومحزنه ومعبره

من أروع القصائد التي سمعتها عن صدام

وكعادات الدكتور عبدالرحمن العشماوي رائعٌ مع الحدث

وكعاداتك أخي نسناس رائعٌ مع الحدث

وتقبل تحياتي العميقة

حسن البشري
18-01-2007, 11:40 AM
لاهنتوا وبيض الله وجيهكم وكتبها الله في ميزان حسناتكم .


شكرا خاص للدكتور العشماوي قصيده في قمة الروعه والخيال والتصوير الشعري الذي اكتمل بالحقيقه والعدلو عدم التعدي على حقوق الاخرين .

وبيض الله وجه ناقل القصيد .

تحياتي للجميع